فصل: فصل قال إن كلمت زيداً فأنت طالق

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روضة الطالبين وعمدة المفتين **


 فصل علق بالمس طلقت بمس شيء من بدنه

حياً أو ميتاً بلا حائل ولا يقع بمس الظفر والشعر‏.‏

قال الإمام الوجه القطع بهذا وإن أثبتنا خلافاً في نقض الوضوء به والأشبه مجيء الخلاف‏.‏

 فصل علق بقدوم زيد طلقت إذا قدم راكباً أو ماشياً

وإن قدم به ميتاً لم تطلق وإن حمل وقدم به حياً إن كان باختياره طلقت وإلا فلا على المذهب‏.‏

 فصل علق بقذف زيد طلقت بقذفه حياً أو ميتاً

فلو قال إن قذفت فلاناً في المسجد فأنت طالق فالمعتبر كون القائف في المسجد ولو قال إن قتلته في المسجد اشترط كون المقتول في المسجد والفرق أن قرينة الحال تشعر بأن المقصود الامتناع مما يهتك حرمة المسجد وهتك الحرمة إنما تحصل إذا كان القاذف والمقتول فيه دون عكسه فإن قال أردت العكس قبل منه في الظاهر على الأصح‏.‏

ولو قال إن قذفت أو قتلت فلاناً في الدار سئل عما أراد‏.‏

 فصل قال إن رأيت زيداً فأنت طالق فرأته حياً أو ميتاً أو نائماً طلقت

وإن كان الرائي أو المرئي مجنوناً أو سكران ثم يكفي رؤية شيء من بدنه وإن قل وقيل يعتبر الوجه ولو كان كله مستوراً بثوب أو رأته في المنام لم تطلق ولو رأته وهو في ماء صاف لا يمنع الرؤية أو من وراء زجاج شفاف طلقت على الصحيح ولو نظرت في المرآة أو في الماء فرأت صورته لم تطلق وفيه احتمال ضعيف للإمام ولو قال للعمياء إن رأيت زيداً فأنت طالق قال الإمام الصحيح أن الطلاق معلق بمستحيل فلا يقع وفي وجه يحمل على اجتماعهما في مجلس لأن الأعمى يقول رأيت اليوم زيداً ويريد الحضور عنده‏.‏

فرع علق برؤيته أو رؤيتها الهلال فهو محمول على العلم فرؤية غير المعلق برؤيته كرؤيته وتمام العدد كرؤيته فيقع الطلاق به وإن لم ير الهلال ولو قال أردت بالرؤية المعاينة دين ويقبل أيضاً ظاهراً على الأصح ولو كان المعلق برؤيته أعمى لم يقبل التفسير بالمعاينة في الظاهر على الأصح‏.‏

وحكى الحناطي فيما إذا أطلق ولم ينو‏.‏

شيئاً قولين في وقوع الطلاق برؤية الغير هذا كله فيمن علق برؤية الهلال باللغة العربية فلو علق بالعجمية فعن القفال أنه يحمل على المعاينة سواء فيه البصير والأعمى وادعى أن العرف الشرعي في حمل الرؤية على العلم لم يثبت إلا في العربية ومنع الإمام الفرق بين اللغتين‏.‏

وفي التهذيب وجه أنه يحمل في حق الأعمى على العلم وإذا أطلق التعليق برؤية الهلال حمل على أول شهر يستقبله حتى لو لم ير في الشهر الأول انحلت اليمين قاله البغوي وهو محمول على ما إذا صرح بالمعاينة أو فسر بها وقبلناه قال البغوي والرؤية في الليلة الثانية والثالثة كهي في الأولى ولا أثر لها بعد الثلاث لأنه لا يسمى هلالاً بعد ثلاث وفي المهذب أنه لو لم يره حتى صار قمراً لم تطلق وحكى خلافاً فيما يصير به قمراً هل هو باستدارته أم بأن يبهر ضوؤه‏.‏

قلت هذا المنقول عن المهذب مذكور في الحاوي وفيما تفرع عنه والمختار ما ذكره البغوي والله أعلم‏.‏

والمعتبر الرؤية بعد غروب الشمس ولا أثر للرؤية قبله‏.‏

 فصل قال إن كلمت زيداً فأنت طالق

فكلمته وهو سكران أو مجنون‏.‏

طلقت قال ابن الصباغ يشترط أن يكون السكران بحيث يسمع ويكلم وإن كلمته وهو نائم أو مغمى عليه أو هذت بكلامه في وعن القاضي حسين أنها تطلق والظاهر تخريجه على حنث الناسي وأما كلامها في سكرها فتطلق به على الأصح إلا إذا انتهت إلى السكران الطافح‏.‏

ولو خفضت صوتها بحيث لا يسمع وهو الهمس لم تطلق وإن وقع في سمعه شيء وفهم المقصود اتفاقاً لأنه لا يقال كلمته ولو نادته من مسافة بعيدة لا يسمع منها الصوت لم تطلق ولو حملت الريح كلامها ووقع في سمعه فقد أشار الإمام إلى تردد فيه والمذهب أنها لا تطلق‏.‏

وإن كانت المسافة بحيث يسمع فيها الصوت فلم يسمع لذهول أو شغل طلقت فإن لم يسمع لعارض لغط أو ريح أو لصمم به فوجهان أحدهما تطلق وبه أجاب الروياني وكذا الإمام والغزالي في صورة اللغط وأصحهما عند البغوي لا طلاق حتى يرتفع الصوت بقدر ما يسمع في مثل تلك المسافة مع ذلك العارض فحينئذ يقع وإن لم يسمع ورأى الإمام القطع بالوقوع إذا كان اللغط بحيث لو فرض معه الإصغاء لأمكن السماع وكذا في تكليم الأصم إذا كان وجهه إليه وعلم أنه يكلمه وقطع الحناطي بعدم الوقوع إذا كان الصم بحيث يمنع السماع وحكي قولين فيما إذا قال إن كلمت نائماً أو غائباً عن البلد هل يقع الطلاق في الحال بناء على الخلاف في التعليق بالمستحيل ويحتمل أن يقال لا تطلق حتى تخاطبه مخاطبة المكلمين وبنحو منه أجاب القاضي أبو الطيب فيما إذا قال إن كلمت ميتاً أو حماراً‏.‏

إذا علق الطلاق بفعل شيء ففعله وهو مكره أو ناس للتعليق أو جاهل به ففي وقوع الطلاق قولان وذكر صاحب المهذب والروياني وغيرهما أن الأظهر في الأيمان أنه لا يحنث الناسي والمكره ويشبه أن يكون الطلاق مثله‏.‏

وقطع القفال بأنه يقع الطلاق‏.‏

ولا يخرج على القولين في الأيمان لأن التعويل في الأيمان على تعظيم اسم الله تعالى والحنث هتك حرمة والناسي والمكروه غير منتهك والطلاق تعليق بصفة وقد وجدت والمذهب الأول وعليه الجمهور‏.‏

قلت قد رجح الرافعي في كتابه المحرر أيضاً عدم الحنث في الطلاق واليمين جميعاً وهو المختار للحديث الحسن ‏"‏ رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ‏"‏ والمختار أنه عام فيعمل بعمومه إلا فيما دل دليل على تخصيصه كغرامة المتلفات والله أعلم‏.‏

ولو علق بفعل الزوجة أو أجنبي فإن لم يكن للمعلق بفعله شعور بالتعليق ولم يقصد الزوج إعلامه أو كان ممن لا يبالي بتعليقه بأن علق بقدوم الحجيج أو السلطان طلقت بفعله في حالتي النسيان والإكراه على المذهب وقيل إن فعلة مكرهاً ففيه القولان فكأنه لا فعل له وإن كان المعلق بفعله عالماً بالتعليق وهو ممن يبالي بتعليقه وقصد المعلق بالتعليق منعه ففعله ناسياً أو مكرهاً أو جاهلاً ففيه القولان‏.‏

ولو قصد منعها من المخالفة فنسيت قال الغزالي لا تطلق قطعاً لعدم المخالفة ويشبه أن يراعى معنى التعليق ويطرد الخلاف‏.‏

قلت الصحيح قول الغزالي ويقرب منه عكسه وهو أنه لو حلف لا يدخل عمداً ولا ناسياً فدخل ناسياً فنقل القاضي حسين أنه يحنث بلا خلاف‏.‏

والله أعلم‏.‏

ولو علق بدخول طفل أو بهيمة أو سنور فدخل طلقت قال الحناطي ويحتمل المنع وإن حصل دخولهم كرهاً لم تطلق قال ويحتمل الوقوع إذ لا قصد لهم فلا أثر لإكراههم قلت ذكر الإمام الرافعي رحمه الله هنا مسائل منثورة كثيرة جداً متعلقة بتعليق الطلاق وغيره فقدمت منها جملاً فرقتها على مواضع تليق بها مما سبق وأذكر هنا باقيها إن شاء الله تعالى‏.‏

والله أعلم‏.‏

قال لأربع نسوة إن لم أطأ واحدة منكن اليوم فصواحبها طوالق فإن وطىء واحدة منهن ذلك اليوم انحلت اليمين وإن لم يطأ واحدة طلقت كل واحدة طلقة‏.‏

وإن قال أيتكن لم أطأها اليوم فإن الأخريات طوالق فمضى اليوم ولم يطأ واحدة طلقن ثلاثاً ثلاثاً وإن وطىء واحدة فقط طلقت هي ثلاثاً لأن لها ثلاث صواحب لم يطأهن وطلقت الباقياًت طلقتين طلقتين لأن لها صاحبتين لم يطأهما ولو وطىء امرأتين طلقتا طلقتين وطلقت الأخريان طلقة طلقة‏.‏

ولو وطىء ثلاثاً طلقن طلقة طلقة ولم تطلق الرابعة لأنه ليس لها صاحبة غير موطوءة‏.‏

ولو قال أيتكن لم أطأها فالأخريات طوالق ولم يقيد بوقت فجميع العمر وقت له فإن مات أو متن قبل الوطء طلقت كل واحدة ثلاثاً قبيل الموت وإن ماتت واحدة والزوج حي لم يحكم بطلاق الميتة لأنه قد يطأ الباقيات ويطلق الباقيات طلقة طلقة فلو ماتت ثانية قبل الوطء تبينا وقوع طلقة على الأولى قبيل موتها وطلقت كل واحدة من الباقيتين طلقة أخرى إن بقيتا في العدة‏.‏

فإن ماتت الثالثة قبل الوطء تبينا وقوع طلقتين على الأوليين قبيل موتهما وطلقت الباقية طلقة ثالثة فإن ماتت الرابعة قبل الوطء تبينا وقوع الثلاث على الجميع‏.‏

 فصل قال إن سرقت مني شيئاً فأنت طالق

فدفع إليها كيساً فأخذت منه شيئاً لا تطلق لأنه خيانة لا سرقة فرع قال إن كلمتك فأنت طالق ثم أعاد مرة أخرى طلقت وإن قال إن كلمتك فأنت طالق فاعلمي طلقت بقوله فاعلمي وقيل إن وصله بالكلام الأول لم تطلق لأنه تتمته‏.‏

وإن قال إن كلمتك فأنت طالق إن دخلت الدار فأنت طالق فالتعليق الثاني تكليم فتطلق ولو قال إن بدأتك بالكلام فأنت طالق فقالت إن بدأتك بالكلام فعبدي حر ثم كلمها ثم كلمته فلا طلاق ولا عتق‏.‏

ولو قال لرجل إن بدأتك بالسلام فعبدي حر فقال الآخر إن بدأتك بالسلام فعبدي حر فسلم كل منهما على الآخر دفعة واحدة لم يعتق عبد واحد منهما لعدم ابتداء كل واحدة منهما على الآخر وتنحل اليمين فإذا سلم أحدهما على الآخر بعد ذلك لم يعتق واحدة من عبديهما ذكره الإمام‏.‏

فرع قال المدين لصاحب الدين إن أخذت مالك علي فامرأتي طالق فأخذه مختاراً طلقت امرأة المدين سواء كان مختارًا في الإعطاء أو مكرهاً وسواء أعطى بنفسه أو بوكيله أو استلبه صاحب الدين قال البغوي وكذا لو أخذه السلطان ودفعه إليه‏.‏

وفي كتب العراقيين أنه لا يقع الطلاق إذا أخذه السلطان ودفعه إليه لأنه إذا أخذه السلطان برئت ذمة المدين وصار المأخوذ حقاً لصاحب الدين ولا يبقى له حق عليه فلا يصير بأخذه من السلطان آخذاً حقه من المدين ولو قضى عنه أجنبي‏.‏

قال الداركي لا تطلق لأنه بدل حقه لاحقه بنفسه‏.‏

ولو قال إن أخذت حقك مني لم تطلق بإعطاء وكيله ولا بإعطاء السلطان من ماله فإن أكرهه السلطان حتى أعطى بنفسه فعلى القولين في المكره ولو قال إن أعطيتك حقك فأعطاه باختياره طلقت سواء كان الآخذ مختاراً في الأخذ أم لا ولا تطلق بإعطاء الوكيل والسلطان‏.‏

فرع قال أنت طالق مريضةً بالنصب لم تطلق إلا في حال المرض‏.‏

ولو قال أنت طالق مريضة بالرفع فقيل تطلق في الحال‏.‏

وقوله مريضة صفة واختيار ابن الصباغ الحمل على اشتراط المرض حملاً على الحال وإن كان لحناً في الإعراب‏.‏

فرع قال لامرأتيه إن دخلتما هاتين الدارين فأنتما طالقان فدخلت كل واحدة إحدى الدارين فهل تطلقان أم لا تطلقان وجهان وإن قال إن أكلتما هذين الرغيفين وأكلت كل واحدة منهما رغيفاً تطلقان لأنهما أكلتاهما ولا يمكن أكل واحدة من الرغيفين بخلاف دخول الدارين‏.‏

قلت الأصح في مسألة الدارين عدم الطلاق صححه صاحب المهذب وغيره والمذهب في الرغيفين الوقوع وطرد صاحب المهذب فيه الوجهين والله أعلم‏.‏

فرع لو قالت لزوجها أنت تملك أكثر من مائة فقال إن كنت أملك أكثر من مائة فأنت طالق وكان يملك خمسين فإن قال أردت لا أملك زيادة على مائة لم تطلق وإن قال أردت أني أملك مائة بلا زيادة طلقت وإن أطلق فعلى أيهما يحمل وجهان‏.‏

قلت الصحيح لا تطلق‏.‏

والله أعلم‏.‏

وإن قال إن كنت أملك إلا مائة وكان يملك خمسين فقد قيل تطلق على الوجهين‏.‏

فرع قال إن خرجت إلا بإذني فأنت طالق فالمسألة تأتي بفروعها في كتاب الإيمان إن شاء الله تعالى‏.‏

فإن قال إن خرجت إلى غير الحمام بغير إذني فأنت طالق فخرجت إلى الحمام ثم قضت حاجة أخرى لم تطلق وإن خرجت لحاجة أخرى ثم عدلت إلى الحمام طلقت وإن خرجت إلى الحمام وغيره ففي وقوع الطلاق وجهان‏.‏

قلت الأصح الوقوع وممن صححه الشاشي‏.‏

والله أعلم‏.‏

فرع خرجت إلى دار أبيها فقال إن رددتها إلى داري أو ردها أحد فهي طالق فاكترت بهيمة وعادت إلى داره مع المكاري لم تطلق لأن المكاري لم يردها بل صحبها‏.‏

ولو عادت ثم خرجت فردها الزوج لم تطلق إذ ليس في اللفظ ما يقتضي التكرار‏.‏

 فصل في فتاوى القفال أنه لو قال المرأة التي تدخل الدار من نسائي طالق

لم يقع طلاق قبل الدخول فلو أشار إلى واحدة وقال هذه التي تدخل الدار طالق طلقت في الحال وإن لم تدخل وأنه لو ادعت عليه أنه نكحها فأنكر فالأصح أنه ليس لها أن تنكح غيره ولا يجعل إنكاره طلاقاً بخلاف ما لو قال نكحتها وأنا أجد طول حرة يجعل ذلك فرقة بطلقة لأن هناك أقر بالنكاح وادعى مفسداً‏.‏

وقيل يتلطف به الحاكم حتى يقول إن كنت نكحتها فقد طلقتها وأنه لو قال حلال الله علي حراًم لا أدخل هذه الدار كان ذلك تعليقاً وإن لم يكن فيه أداة تعليق‏.‏

وأنه لو قال حلفت بطلاقك أن لا تخرجي ثم قال ما حلفت بل قصدت تفريعها لا تقبل ظاهراً ويدين وأنها لو قالت اجعل أمر طلاقي بيدي فقال إن خرجت من هذه القرية أجعل أمر طلاقك إليك فقالت أخرج‏.‏

فقال جعلت أمرك بيدك فقالت طلقت نفسي فإن ادعى أنه أراد بعد خروجها من القرية صدق وإلا طلقت في الحال وأنه لو قال إن أبرأتني من دينك فأنت طالق فأبرأته وقع الطلاق بائناً‏.‏

ولو قال إن أبرأت فلاناً فأبرأته وقع رجعياً‏.‏

وأنه لو قال لأم امرأته بنتك طالق ثم قال أردت البنت التي ليست زوجتي صدق‏.‏

وأنه لو قال إن فعلت ما ليس لله تعالى فيه رضى فأنت طالق فتركت صوماً أو صلاة ينبغي أن لا تطلق لأنه ترك وليس بفعل فلو سرقت أو زنت طلقت

 فصل عن الشيخ أبي عاصم العبادي أنه لو قال أنت طالق يا طالق

لا طلقتك وقع طلقتان وأنه لو قال إن وطئت أمتي بغير إذنك فأنت طالق فاستأذنها فقالت طأها في عينها لا يكون إذناً‏.‏

وأنه لو كان له أمة وزوجة حرة فدعا الأمة إلى فراشه فحضرت الحرة فوطئها فقال إن لم تكوني أحلى من الحرة فهي طالق وهو يظنها الأمة فقال أبو حامد المروزي تطلق لأنها هي الحرة فلا تكون أحلى من الحرة وحكى أبو العباس الروياني وجهاً أنها لا تطلق لأن عنده أنه يخاطب غيرها وهذا أصح وبه أفتى الحناطي‏.‏

 فصل سئل القاضي حسين عمن حلف بالطلاق

ليقرأن عشراً من أول سورة البقرة بلا زيادة ويقف وللقراء اختلاف في رأس العشر فقال ما أدى إليه اجتهاد المفتي أخذ به المستفتي‏.‏

وعن امرأة صعدت بالمفتاح السطح فقال إن لم تلقي المفتاح فأنت طالق فلم تلقه ونزلت قال لا يقع الطلاق ويحمل قوله إن لم تلقه على التأبيد كما قال أصحابنا فيمن دخل عليه صديقه فقال تغد معي فامتنع فقال إن لم تتغد معي فامرأتي طالق فلم يفعل لا يقع الطلاق ولو تغدى بعد ذلك معه وإن طال الزمان انحلت اليمين‏.‏

فإن نوى أن يتغدى معه في الحال فامتنع وقع الطلاق ورأى البغوي حمل المطلق على الحال للعادة‏.‏

وأنه لو قال إن لم تبيعي هذه الدجاجات فأنت طالق فقتلت واحدة منهن طلقت لتعذر البيع وإن جرحتها ثم باعتها فإن كانت بحيث لو ذبحت لم تحل لم يصح البيع ووقع الطلاق وإلا فتنحل اليمين‏.‏

وأنه لو قال إن قرأت سورة البقرة في صلاة الصبح فأنت طالق فقرأها ثم فسدت صلاته في الركعة الثانية لم تطلق على الصحيح لأن الصلاة عبادة واحدة يفسد أولها بفساد آخرها‏.‏

وأنه لو قال مهما قبلتك فضرتك طالق فقبلها بعد موتها لم تطلق الضرة ولو قال لوالدته متى قبلتك فامرأتي طالق فقبلها بعد موتها طلقت امرأته‏.‏

والفرق أن قبلة المرأة قبلة بشهوة ولا شهوة بعد الموت وقبلة الأم قبلة كرامة فيستوي فيها الحياة والموت‏.‏

وأنه لو قال إن غسلت ثوبي فأنت طالق فغسلته أجنبية ثم غمسته المحلوف بطلاقها في الماء تنظيفاً له لم تطلق لأن العرف في مثل هذا يغلب‏.‏

والمراد في العرف الغسل بالصابون والأشنان ونحوهما وإزالة الوسخ وقال غير القاضي إن أراد الغسل من الوسخ لم تطلق وإن أراد التنظيف فلا فإن أطلق قال لا أجيب فيه‏.‏

 فصل لو طلقها ثلاثاً ثم قال كنت حرمتها على نفسي قبل الطلاق لم يقبل

في فتاوى البغوي أنه لو طلقها ثلاثاً ثم قال كنت حرمتها على نفسي قبل الطلاق لم يقبل قوله وأنه لو قال إن ابتلعت شيئاً فأنت طالق فابتلعت ريقها طلقت فإن قال أردت غير الريق صدق في الحكم وإن قال إن ابتلعت الريق طلقت بابتلاع ريقها وبريق غيرها‏.‏

فإن قال أردت ريقك خاصة قبل في الحكم‏.‏

وإن قال أردت ريق غيرك دين ولم يقبل في الحكم وأنه لو قال إن ضربتك فأنت طالق فقصد بالضرب غيرها فأصابها طلقت ولم يقبل قوله لأن الضرب يقين ويحتمل‏.‏

وأنه لو نادى أمه فقال إن لم تجبني أمي فامرأتي طالق فإن رفعت الأم صوتها في الجواب بحيث يسمع في تلك المسافة لم تطلق وإلا فتطلق وأنه لو قال إن دخلت على فلان داره فامرأتي طالق فجاء فلان وأخذ بيده وأدخله الدار فإن دخلا معاً لم تطلق وإن دخل فلان أولاً طلقت‏.‏

وأنه لو حلف أنه لا يخرج من البلد حتى يقضي دين فلان بالعمل فعمل له ببعض دينه وقضى الباقي من موضع آخر ثم خرج طلقت‏.‏

فإن قال أردت أني لا أخرج حتى أخرج إليه من دينه وأقضي حقه قبل قوله في الحكم‏.‏

 فصل عن أبي العباس الروياني أنه إذا طلق امرأته فقيل له طلقت‏.‏

امرأتك فقال طلقة واحدة يقبل قوله لأن قوله طلقتها صالح للابتداء غير متعين للجواب‏.‏

وأنه لو قال إن سرقت ذهباً فأنت طالق فسرقت ذهباً مغشوشاً طلقت على الصحيح‏.‏

وأنه لو قال إن أجبتني عن خطابي فأنت طالق ثم خاطبها فقرأت آية تتضمن جوابه فإن قالت قصدت بقراءتها جوابه طلقت‏.‏

وإن قالت قصدت القراءة أو لم تبين قصدها فلا طلاق‏.‏

وأنه لو قال إن لم تستوفي حقك من تركة أبيك تاماً فأنت طالق وكان إخوتها قد أتلفوا بعض التركة فلا بد من استيفاء حصتها من الباقي وضمان التالف ولا يكفي الإبراء لأن الطلاق معلق بالاستيفاء إلا أن الطلاق إنما يقع عند اليأس من الاستيفاء‏.‏

وأنه لو أشار إلى ذهب وحلف بالطلاق أنه الذي أخذه من فلان وشهد عدلان أنه ليس ذلك الذهب طلقت على الصحيح لأنها وإن كانت شهادة على النفي إلا أنه نفي يحيط العلم به‏.‏

وأنه لو حلف بالطلاق أنه لا يفعل كذا فشهد عدلان عنده أنه فعله وظن صدقهما لزمه الأخذ بالطلاق وأنه لو كان له نسوة ففتحت إحداهن باباً فقال من فتحته منكن فهي طالق‏.‏

فقالت كل واحدة أنا فتحته لم يقبل قولهن لإمكان البينة‏.‏

فإن اعترف الزوج أنه لا يعرف الفاتحة لم يكن له التعيين وإنما يرجع إلى تعيينه إذا كان الطلاق مبهماً‏.‏

وأنه لو حلف بالطلاق أنه بعث فلاناً إلى بيت فلان وعلم أن المبعوث لم يمض فقيل يقع الطلاق لأنه لا يقتضي حصوله هناك والصحيح أنه لا طلاق لأنه يصدق أن يقال بعثته فلم يمتثل وأنه لو قال إن لم تطيعيني فأنت طالق فقالت لا أطيعك‏.‏

فقيل تطلق في الحال والصحيح أنها لا تطلق حتى يأمرها بشيء فتمتنع أو ينهاها عنه فتفعله وأنه لو قال امرأتي طالق إن دخلت دارها ولا دار لها وقت الحلف ثم ملكت داراً فدخلها طلقت وأنه لو قال إن لم تكوني الليلة في داري فأنت طالق ولا دار له ففي وقوع الطلاق وجهان بناء على التعليق لو قال امرأتي هذه محرمة علي لا تحل لي أبداً فلا طلاق لأنه قد يظن تحريمها باليمين على ترك الجماع وليس اللفظ صريحاً في الطلاق وقيل يحكم بالبينونة بهذا اللفظ والأول أصح‏.‏

وأنه لو قيل لمن يسمى زيداً يا زيد فقال امرأة زيد طالق طلقت امرأته‏.‏

وقيل لا تطلق إلا أن يريد نفسه‏.‏

وأنه لو قال إن أجبت كلامي فأنت طالق ثم خاطب الزوج غيرها فأجابته فالصحيح أنها لا تطلق‏.‏

وأنه لو قال إن خرجت من الدار بغير إذني فأنت طالق فأخرجها هو هل يكون إذناً وجهان القياس المنع‏.‏

وأنه لو عزل عن القضاء فقال امرأة القاضي طالق ففي وقوع طلاقه وجهان‏.‏

وأنه لو قيل طلقت امرأتك فقال أعلم أن الأمر على ما تقوله لم يكن إقراراً بالطلاق على الأصح‏.‏

وأنه جلس مع جماعة فقام ولبس خف غيره فقالت له استبدلت بخفك ولبست خف غيرك فحلف بالطلاق أنه لم يفعل ذلك فإن كان خرج بعد خروج الجماعة ولم يبق هناك إلا ما لبسه لم تطلق لأنه لم يستبدل بل استبدل الخارجون قبله وإن بقي غيره طلقت‏.‏

قلت هذا الكلام ضعيف في الطرفين جميعاً بل صواب المسألة أنه إن خرج بعد خروج الجميع نظر إن قصد أني لم أجد بدله كان كاذباً فإن كان عالماً بأنه أخذ بدله طلقت وإن كان ساهياً فعلى قولي طلاق الناسي وإن لم يكن قصد خرج على الخلاف السابق في أن اللفظ الذي تختلف دلالته بالوضع والعرف على أيهما يحمل لأن هذا يسمى استبدالاً في العرف‏.‏

وأما إن خرج وقد بقي بعض الجماعة فإن علم أن خفه مع الخارجين قبله فحكمه ما ذكرنا وإن علم أنه كان باقياً أو شك ففيه الخلاف في تعارض الوضع والعرف‏.‏

والله أعلم‏.‏

وأنه لو رأى امرأته تنحت خشبة فقال إن عدت إلى مثل هذا الفعل فأنت طالق فنحتت خشبة من شجرة أخرى ففي وقوع الطلاق وجهان لأن النحت كالنحت لكن المنحوت غيره‏.‏

قلت الأصح الوقوع‏.‏

والله أعلم‏.‏

وأنه لو قال إن لم تخرجي الليلة من داري فأنت طالق فخلعها مع أجنبي في الليل وجدد نكاحها ولم تخرج لم تطلق‏.‏

وأنه لو حلف لا يخرج من البلد إلا معها فخرجا وتقدم معها بخطوات فوجهان‏.‏

أحدهما لا يحنث للعرف‏.‏

والثاني يحنث ولا يحصل البر إلا بخروجهما معاً بلا تقدم وأنه لو حلف أن لا يضربها إلا بالواجب فشتمته فضربها بالخشب طلقت لأن الشتم لا يوجب الضرب بالخشب وإنما تستحق به التعزير وقيل خلافه‏.‏

قلت الأصح لا تطلق هنا ولا مسألة التقدم بخطوات يسيرة‏.‏

والله أعلم‏.‏

وأنه لو قال لزوجته إن علمت من أختي شيئاً فلم تقوليه لي فأنت طالق انصرف ذلك إلى ما يوجب ريبة ويوهم فاحشة دون ما لا يقصد العلم به كالأكل والشرب ثم لا يخفى أنه لا يشترط أن تقوله على الفور وأنها لو سرقت منه ديناراً فحلف بالطلاق لتردينه عليه وكانت قد أنفقته لا تطلق حتى يحصل اليأس من رده بالموت فإن تلف الدينار وهما حيان فوقوع الطلاق على قلت إن تلف بعد التمكن من الرد طلقت على المذهب‏.‏

والله أعلم‏.‏

وأنه لو سمع لفظ رجل بالطلاق وتحقق أنه سبق لسانه إليه لم يكن له أن يشهد عليه بمطلق الطلاق‏.‏

وأنه لو قال إن رأيت الدم فأنت طالق فالظاهر حمله على دم الحيض‏.‏

وقيل يتناول كل دم‏.‏

وأنه لو قال إن دخلت هذه الدار فأنت طالق وأشار إلى موضع من الدار فدخلت غير ذلك الموضع من الدار ففي وقوع الطلاق وجهان‏.‏

قلت أصحهما الوقوع ظاهراً لكنه إن أراد ذلك الموضع دين‏.‏

والله أعلم‏.‏

وأنه لو قال إن كانت امرأتي في المأتم فأمتي حرة وإن كانت أمتي في الحمام فامرأتي طالق وكانتا عند التعليقين كما ذكر عتقت الأمة ولم تطلق الزوجة لأن الأمة عتقت عند تمام التعليق الأول وخرجت عن كونها أمته فلا يحصل شرط الطلاق‏.‏

ولو قدم ذكر الأمة فقال إن كانت أمتي في المأتم فامرأتي طالق وإن كانت امرأتي في الحمام فأمتي حرة فكانتا كما ذكر طلقت الزوجة‏.‏

ثم إن كانت رجعية عتقت الأمة أيضاً وإلا فلا‏.‏

ولو قال إن كانت هذه في المأتم وهذه في الحمام فهذه حرة وهذه طالق وكانتا حصل العتق والطلاق‏.‏

وأنه لو قال إن كان هذا ملكي فأنت طالق ثم وكل من يبيعه هل يكون إقراراً بأنه ملكه وجهان وكذا لو تقدم التوكيل على التعليق‏.‏

قلت إذا تقدم التوكيل يبعد وقوع الطلاق إذ لم يوجد حال التعليق ولا بعده ما يقتضي الإقرار والمختار في الحالتين أنه لا طلاق إذ يحتمل أن يكون وكيلاً في التوكيل ببيعه أو كان لغيره وله عليه دين وقد تعذر استيفاؤه فيبيعه ليتملك ثمنه أو باعه غصباً أو باعه بولاية كالوالد والوصي والناظر والله أعلم‏.‏

وأنه لو كان بين يديه تفاحتان فقال لزوجته إن لم تأكلي هذه التفاحة اليوم فأنت طالق وقال لأمته إن لم تأكلي الأخرى اليوم فأنت حرة واشتبهت التفاحتان فوجهان‏.‏

أحدهما أن الطريق أن تأكل كل واحدة تفاحة فلا يقع عتق ولا طلاق للشك والثاني تأكل كل واحدة ما ظنت هي والزوج أنها تفاحتها‏.‏

ولو خالع الزوج وباع الأمة في يومه ثم جدد النكاح والشراء تخلص من الحنث وقيل يبيع الأمة للمرأة في يومه وتأكل المرأة التفاحتين وأنه لو قال لامرأتيه كلما كلمت رجلاً فأنتما طالقان ثم قال لرجلين اخرجا طلقتا‏.‏

ولو قال كلما كلمت رجلاً فأنت طالق فكلم رجلين بكلمة طلقت طلقتين على الصحيح وقيل طلقة

وأنه لو قال أنت طالق إن تزوجت النساء أو اشتريت العبيد لم تطلق إلا إذا تزوج ثلاث نسوة أو وأنه لو حلف لا يخرج من الدار فتعلق بغصن شجرة في الدار والغصن خارج حنث على الأصح‏.‏

وأنه لو قال إن لم تصومي غداً فأنت طالق فحاضت فوقوع الطلاق على الخلاف في المكره‏.‏

وأنه لو قال لنسوته الأربع من حمل منكن هذه الخشبة فهي طالق فحملها ثلاث منهن فإن كانت خشبة ثقيلة لا تستقل بحملها واحدة طلقن إن استقلت لم تطلق واحدة منهن‏.‏

وقيل يطلقن‏.‏

وأنه لو قال أنت طالق إن لم أطأك الليلة فوجدها حائضاً أو محرمة فعن المزني أنه حكى عن الشافعي ومالك وأبي حنيفة أنه لا طلاق فاعترض وقال يقع لأن المعصية لا تعلق لها باليمين ولهذا لو حلف أن يعصي الله تعالى فلم يعص حنث‏.‏

وقيل ما قاله المزني هو المذهب واختيار القفال‏.‏

وقيل على القولين كفوات البر بالإكراه‏.‏

وأنه لو قال إن لم أشبعك من الجماع الليلة فأنت طالق فقيل يحصل البر إذا جامعها وأقرت أنها أنزلت‏.‏

وقيل يعتبر مع ذلك أن تقول لا أريد الجماع ثانياً فإن كانت لا تنزل فيجامعها إلى أن تسكن لذاتها وإن لم تشته الجماع فيحتمل أن يبنى على الخلاف في التعليق بالمحال‏.‏

وأن الوكيل بالطلاق إذا طلق لا يحتاج إلى نية إيقاع الطلاق عن موكله في الأصح‏.‏

وأنه لو قال إن بت عندك الليلة فأنت طالق فبات في مسكنها وهي غائبة لم تطلق‏.‏

وأنه لو قال إن لم أصطد ذلك الطائر اليوم فأنت طالق فاصطاد طائراً وادعى أنه ذلك الطائر قبل للاحتمال والأصل النكاح‏.‏

فإن قال قلت الأصح عدمه كما سبق في آخر الباب الرابع في المسألة أنت طالق إن لم يدخل زيد اليوم الدار وجهل دخوله‏.‏

والله أعلم‏.‏

ولو قال أنت طالق الطلقة الرابعة فهل تطلق وجهان يقربان من الخلاف في التعليق بالمحال‏.‏